قام جيمس كوزيز وباري بوسنر، وهما عالمين من علماء القيادة والإدارة، أصيلي الولايات المتحدة الأمريكية، بدراسة دامت 30 سنة من 1980 إلى 2010 لمعرفة سر نجاح القياديين والزعماء في العالم. من خلال استجوابات لأكثر من 100000 شخص من مختلف الميادين والمناصب في شركات متعددة الاختصاصات، تحصلوا على إجابات مبهرة ومتقاربة جدا رغم اختلاف الثقافات، البلدان، مستوى المعيشة وظروف العمل بالنسبة للأشخاص المستجوبين. ببساطة سئل هؤلاء الأشخاص:” ماهي أكثر ميزة تحبها في مديرك في العمل؟ أو لماذا يجعلك مديرك أو رئيسك المباشر تتبعه عن اقتناع؟
إذا وجه لك نفس السؤال, كيف تجيب؟ فكر قليلا وحاول أن ترتب ميزات القيادي المثالي بالنسبة لك؟ إذا، انتهيت من هذه التجربة، حاول أن تقارن بين قائمتك والمتوسط العالمي
في كتاب ( Credibility : How to earn or to lose credibilty as a leader ?) أو (المصداقية: كيف تكسب أو تفقد مصداقيتك كقائد؟) للأستاذين الذين سبق ذكرهما، تم تفصيل الإحصائيات التي تحصلوا عليها على مدى 30 سنة. وعندما نحلل النتائج، نجد أن في سنة 1980، أهم ميزة قيادية يحبذها تقريبا 83% من الأشخاص في العالم من مختلف الاختصاصات والثقافات هي: المصداقية والأمانة عند القائد. في سنة 2010، لم تتغير الإجابة بل زادت النسبة لتصبح 85%. الغريب في الأمر، أن الكفاءة، الذكاء، الخبرة والتجربة ميزات قيادية نجدها أقل أهمية عند الناس من المصداقية والأمانة
الإشكال هنا، أن العديد من القياديين والزعماء في المؤسسات يجدون أنفسهم ذوي مصداقية غير قابلة للتشكيك ورغم ذلك لم يجدوا طريقهم إلى قلوب العملة والموظفين. يبذلون مجهودا جبارا لإقناع الآخرين بشخصهم دون جدوى. السر هنا يكمن في مفهوم المصداقية عند أعضاء الفريق. في التعريف الكلاسيكي للمصداقية، نجد ان القيادي يجب ألا يخون الأمانة، أن يحافظ على السر المهني وأن يكون صادقا في قوله. ولكن المفهوم أعمق عند الناس لأن القائد له مسؤوليات أخرى تجاه فريقه. فالمدير الذي لا يعامل موظفيه بعدل يفتقد للمصداقية. وأيضا، عندما يتعمد إخفاء معلومات وأخبار مهما كان نوعها على أعضاء فريقه هنا يكمن المشكل خاصة إذا كانت هذه المعلومة لها علاقة مباشرة بمستقبل الأشخاص أو الشركة. الحفاظ على تواصل واتصال متوازن ومتواصل هو السر لتكوين هاته المصداقية والحفاظ عليها في أعين الزملاء والمتعاونين. لا تنسى أن حسب دراسات بوسنر وكوزيز، القائد المحترم هو الذي لا يخلف وعدا ولا يقول ما لا يفعل.
بناء صورة إيجابية ومصداقية هو تحدي بالنسبة للزعيم القيادي والمدير أيضا. كن صادقا في قولك، لا تخلف وعدا، أحرص على الشفافية في التعاملات بعيدا عن التمييز والظلم ثم انطلق