عبارة بالعامية متداولة جدا عند الشباب التونسي الباحث عن فرصة عمل. عبارة ذكرني بها زهير بالعربي وهو صديق عزيز خبير في الموارد البشرية في حوار دار بيننا حول معضلة التشغيل في تونس. للأسف في ثقافتنا، الباحث عن شغل وأصحاب الشهائد العليا يلقبون بالبطٌّالة أو العاطلين عن العمل رغم أنهم ليسوا بعاطلين وإنما معطٌّلين عن العمل والأرجح باحثين عنه وهو اللفظ الإيجابي الأقرب لهذه الوضعية. لماذا يجب التفرقة بين العبارتين عاطل عن العمل وباحث عن عمل؟ لأن العبارة الأولى تدل على قبول الوضعية والاستسلام للبطالة بينما في العبارة الثانية الباحث هو فاعل وليس مفعولا به
أعود بكم إلى كيفية البحث عن عمل بوضع استراتيجية واضحة وكاملة. ما نفعله كل يوم، هو تحضير نسخ عديدة من السيرة الذاتية ثم الانطلاق في رحلات لا نهاية لها نجوب فيها كل الشركات والمناطق الصناعية والمؤسسات العمومية لغاية واحدة ألا وهي أن نرميها بمكاتب الضبط لتجنب تأنيب الضمير. ثم نعود إلى المنزل متعبين منهكين ننتظر مكالمات وهمية من مديري الموارد البشرية
ننتظر أياما وأسابيعا دون أن يرن المحمول ودون أي إجابة بالرفض أو الإيجاب. فكما رميت بسيرتك الذاتية في مكاتب الضبط، للأسف وجدت طريقها لسلة المهملات في نفس المكاتب قد يبدو أني أبالغ في وصفي للأمور ولكن أؤكد لك أنها الحقيقة في أغلب الأوقات
قبل كل شيء، اعرف ما تريد. لا تتردد في تحديد الرؤية. ماذا تريد أن تعمل؟ ما هي طموحاتك المهنية؟ لماذا اخترت هذا الميدان دون غيره؟ هذه المرحلة هي أكثر المراحل أهميّة. إذا حدّدت الرؤية هنا يفتح المجال لمرحلة ثانية وهي تحليل إمكانياتك ومهاراتك الشخصية والتي يمكن أن نعتبرها نقاط إيجابية في سيرتك الذاتية وأيضا لا ننسى النقاط القابلة للتحسين. لا أحبذ عبارة نقاط الضعف لأنه لا وجود لإنسان كامل والكمال لله. هناك من ينسى أو يتناسى هذه المرحلة لأسباب عديدة ويجد نفسه في مأزق يوم مقابلة العمل خاصة وأن السؤال:” صف لي مهاراتك، نقاط قوتك وضعفك. كلاسيكي ووارد جدا لذا يجب تحضير الإجابة الجيدة لهذا النوع من الأسئلة. في نفس الوقت إذا وضحت الرؤية وأحسست أنك متمكن من نقاط قوتك هنا أنصحك بالقيام ببحث على شبكة الأنترنت وقم بتحضير قائمة المؤسسات والشركات التي توفر مواطن شغل تستهويك. أتفهم أن العديد من الشباب يود أن يشتغل مهما كانت التكاليف ولكن رغم الأزمة لا ترمي بنفسك في مهنة لا تحبها. كما قال الفيلسوف الصيني كونفيسيوس: اختار لنفسك مهنة تحبها حتى لا تجبر أن تشتغل ليوم واحد في حياتك
لا تتوانى عن تحديد أولوياتك في اختيار مهنتك المستقبلية وهذا هو سر النجاح. وفي الأخير، أؤكد أن فرصة العمل لا تطرق الأبواب ولكن الشباب الطموح هو الذي يصنعها
باتباع هذه المراحل لتحضير رحلة البحث على فرصة عمل تكون جاهزا لمراحل قادمة نحو النجاح… حدّد الرؤية، لا تنسى نقاط القوة ومراكز التحسين والتطوير وأحرص على تحديد الأولويات لقنص أحسن فرصة عمل لتكون الشخص المناسب في المكان المناسب وانطلق