خادم القوم سيدهم، وساقيهم آخرهم شربا هذا ما قاله سيد الخلق النبي عليه الصلاة والسلام. هذا أيضا ما أكده علماء القيادة والإدارة المعاصرين. في كتابه الثاني “القادة آخر من يأكل” ، تحدث سيمون سينيك وهو صاحب ثاني أكثر فيديو مشاهدة في تاريخ محاضرات “تاد” الدولية عن أهمية الإيثار لدى القادة والزعماء الناجحين. هاته الميزة التي لا يتمتع بها كل القياديين لأنها تكتسب من النشأة. حسب الدراسات الدولية، الناس لا يتبعون القائد الأناني الذي لا يهتم بمستلزمات أعضاء فريقه. القائد الذكي لا يقود الأعداد والمجموعات بل يقود الأشخاص والفرق. وهنا الفرق واضح وصريح. وفي هذا السياق، تحدث الكاتب على أهمية الإيثار في تسيير الجيش الأمريكي. ليكتسب الجنرالات والقادة الكبار ثقة العسكريين، قام الدفاع الأمريكي بترسيخ عادة تتمثل في أصحاب المراتب العالية في الجيش لا يأكلون قبل الجنود بل أكثر من ذلك ينظرون إليهم وهم يأكلون. هاته الثقافة وراءها معاني عديدة وتكون علاقة احترام بين الجندي وقائده، عندما يرى القائد لا يأكل قبله وينام بعده ويفعل كل شيء بعد أعضاء فريقه. يجد أعضاء الفريق أنفسهم يتبعون القيادة عن طواعية واقتناع تام لا عن غصب أو خوفا من تباعد المراتب والمناصب
عندما تحرم نفسك من ميزات معينة وتؤثر أعضاء الفريق عن نفسك، تكسب ثقتهم، ولاءهم وأيضا تضمن حسن الأداء و العمل الدؤوب. في حين أن من لا يفرق بين الخادم والعامل أو يعتقد أن الناس تشتغل عنده وليس معه يورط نفسه أكثر فأكثر. سيتبعونه اكيد ولكن رياء ومداراة لا ولاء أو وفاء
عندما “تأكل” قبل فريقك، تصنع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عقدا النفسية. فالإنسان بطبعه لا يتحمل أن تكون هناك قوة مسلطة عليه وأنت كقيادي تتمتع بطبيعتك بالعديد من الامتيازات التي تحسد عليها. فلا تزيد الطين بلة ولا تصنع بنفسك الحواجز التي قد تسمم علاقتك بموظفيك أو أعضاء فريقك. في نفس النطاق، إلعب دور القائد الأب أو القائدة الأم لتحمي فريقك دون أن تشعرهم أنهم ضعفاء أو صغار لأنك تتعامل مع كهول وقد ينقلب الهدف إلى ضده في هاته الحالة. هناك هدف سامي وراقي ألا هو أن فريقك يتبعك ويتبع رؤيتك وليس سلطتك أو منصبك. حاول أن ترعى حاجياتهم ليرعوك وقت الحاجة. أغلب القادة لا يجدون أعضاء الفريق وقت الحرب أو المحنة لأنهم لم يعتنوا بحاجياتهم عندما كانوا في أوج القوة والسلطة. في تجربة خاصة عرفت رئيسا لجمعية محلية كان محل ثقة الجميع وحتى الأشخاص الذين يعادونه لا يجرؤون بالتصريح بذلك. لماذا حازت هذه الشخصية ثقة الجميع وحبهم؟ السر يكمن في تصرفاته وتعامله مع أعضاء الجمعية: هو لا يأكل قبل أن يطمئن ان المجموعة أكلت وشبعت. لا ينام قبل أن يتأكد أن كل الفريق في سبات عميق. هو من يترك مكانه لأصغرنا والابتسامة لا تفارقه. هكذا كانت قصة نجاحه ليقود الفريق نحو إنجازات وانتصارات لا تحصى ولا تعد
إنس نفسك بين الفينة والأخرى وفكر في غيرك، أعطي بدون حساب ولا تنسى أنها سترد إليك زمن المحن. آثر فريقك ثم انطلق